الحياد

يقع الحياد في قلب الخدمة العامة. وينطبق ذلك على جميع أنواع الانتاج والخدمات سواء في التلفزيون أوالإذاعة أوشبكة الإنترنت أو أيّة إصدارات ورقيّة تنتجها المؤسّسة.

و يفترض الحياد الشموليّة في التّعاطي مع الأحداث ومعالجتها من منظور واسع، وضمان وجود مجموعة معبّرة من وجهات النظر

و لا يعني الحياد الابتعاد التّام عن أخذ موقف في كلّ القضايا المطروحة إذا كانت الآراء مثلا تمسّ القيم العامّة للمجتمع. لكن يجب ضمان التعامل مع كلّ المواضيع المثيرة للجدل بكلّ حياد في كلّ الإنتاجات.

ويفترض الحياد إعطاء الحدث الوزن اللازم ودعمه بالآراء والحجج، مع ضرورة دراسة أيّة أدلة ووقائع مادية للتأكد من صحّتها. وتعتبر تغطية أيّ حدث هام بطريقة سطحيّة أو منقوصة إخلالا بالحياد.

كما يعني الحياد اتساع وتنوع الآراء بما يعطي للمتفرّج أو المستمع فرصة معرفة الموضوع من مختلف جوانبه حتّى إذا لزم الأمر توزيع هذه الآراء على فترة زمنيّة معقولة.

ولا يكون اتساع وتنوع الآراء فقط بين المجموعات السياسية والثقافية، ولكن، وفي بعض الحالات، يجب أن يكون انعكاسا للاختلافات بين المناطق الحضرية والريفية، وبين الأكثر فقرا والأكثر ثراء وبين الشّباب وكبار السن

و لا يتطلب الحياد بالضرورة تغطية واسعة لوجهات النظر أو الآراء بنسب متساوية، إما ضمن برنامج واحد أو كل الإنتاجات الأخرى المتلاحقة، إذ ليس من الضّرورة إعطاء الأقلية وزنا متساويا إذا كان الإجماع أو الوفاق حاصلا حول موضوع ما. لكنّ قرار تجاهل أقلّية صغيرة ليس لها تأثير يجب أن يكون خاضعا لنقاش داخلي حتّى لا تكون وسيلة الإعلام عرضة للطعن في نزاهتها

ولا يكون اتساع وتنوع الآراء فقط بين المجموعات السياسية والثقافية، ولكن، وفي بعض الحالات، يجب أن يكون انعكاسا للاختلافات بين المناطق الحضرية والريفية، وبين الأكثر فقرا والأكثر ثراء وبين الشّباب وكبار السن

كما يفترض أن يمكّن الحياد من التّوازن الجهوي على مستوى البلد الواحد في التّغطيات، بحيث لا يتمّ التّركيز على مناطق دون غيرها. وحتّى إن كانت القيمة الخبريّة للحدث الجهوي هي الفيصل في إنتاج الخبر، فإنّ الاجتهاد ضروريّ لتغطية أيّ حدث ما في المناطق المنسيّة.

ويفترض الحياد تنويع مواضيع التّغطية داخل الجهات لتفادي النّمطيّة.

الحياد والجماهير : من حقّ الجمهور أن يكون له صوت في وسيلة الإعلام العموميّة. لكن يجب ألّا يعطى رأي المواطن وزن أكثر ممّا يستحقّه، لأنّ رأيه شخصيّ وقد يكون الاشتراك فيه مع آخرين محدودا. لذلك

يجب الإلتزام بالحياد وعدم إبداء الرّاي بالموافقة أو المعارضة أو تثمين الموقف.

إذا كان الموضوع مثيرا للجدل، سياسيّا كان أواقتصاديّا أو دينيّا أو ثقافيّا أو رياضيّا أو غيره، ينبغي أن نأخذ في الاعتبار عند إعداد البرنامج

مستوى الجدل الذي يثيره الموضوع.

الحساسية التي يمكن أن يثيرها من حيث المعتقدات.

ما إذا كان المواضيع محل جدل حاد في منطقة معينة لكن تشمل عددا كبيرا من الجمهور

محاولة التمييز بين ما هو واقع حقيقي وما هو مجرّد رأي.

وفي كلّ الحالات يستحسن ألّا يتمّ تشريك المواطنين مباشرة في البرامج إلّا بعد التأكّد من هويّتهم تفاديا لاستغلال المؤسّسة لتمرير رسائل قد تكون خطيرة من قبل أطراف مجهولة. وهنا يجب التقيّد الكامل بسياسة التحرير والتّشاور في الموضوع داخليّا على مستوى جلسات التّحرير.

التّعامل مع الإتصال الرسمي: يجب الاحتياط في التّعامل مع أيّة رسائل أو صور أو فيديوهات للنّشر مصدرها الدوائر الرّسميّة ، وتهمّ مواضيع هامّة في السّياسة العامّة أو مواضيع مثيرة للجدل، ويخيّر في هذه الحالة النقاش فيها داخليّا للتمييز بين ما هو دعاية وقيمة خبريّة. ويأخذ القرار داخليّا حول حجم التغطية التي يجب أن يأخذه الحدث

الأخبار ونشرات الأحداث الجاريّة وبرامج الواقع.

يجب إعداد المادّة الإخباريّة وتقديمها بطريقة لا تسمح للمتلقّي بمعرفة إن كان هناك انحياز شخصي خاصّة في مواضيع السياسة العامة، والجدل السياسي أو الاقتصادي، أو حول أيّة مواضيع تختلف فيها الآراء. ويجب على المقدمين والمذيعين والمراسلين أن يلتزموا بذلك أكثر من غيرهم لأنّهم واجهة المؤسّسة وحلقة الربط بينها وبين الجمهور.

قد يسمح لموظفي الأخبار تقديم أحكام مهنيّة ولا غير، مع وجوب دعمها بالحجج الكاملة، لكن لا يجوز التعبير عن آرائهم الشخصية في إنتاجهم الإعلامي، بما في ذلك على مواقع شبكة الإنترنت أو أية وسيلة اتصال أخرى.

ويجب الالتزام أيضا بعدم إبداء آراء شخصية ، في أي شأن من شؤون الساعة أو قضايا تهم السياسة العامة، في ما يقدمه المذيعون والمنتجون من برامج.

وينبغي ألا نفترض تلقائيا أن ضيوف الأخبار والبرامج الأخرى، من منظمات أخرى (مثل الأكاديميين والصحفيين والباحثين وممثلي الجمعيات الخيرية) هم غير منحازين لمواقف معيّنة. لذلك تفرض المهنيّة التّوضيح للجمهور إذا كان الضّيف مرتبطا بطرف ما أو يحمل وجهة نظر معيّنة.

حين تكون المؤسّسة الإعلاميّة في صلب موضوع مثير للجدل:

يجب الفصل الواضح بين منتجي الموادّ الإخباريّة، ومن يكلّف بالحديث في موضوع من المسؤولين في المؤسّسة.

أن يبقى التّعامل الإخباري مع الموضوع ملازما للحياد، ، فضلا عن التزام الدقة والنزاهة، حتّى وإن كانت النّزاهة موضع تساؤل ونقاش.

يكون من غير المناسب الإشارة للمؤسّسة الإعلاميّة بـ "مؤسّستنا".

التعامل مع مواضيع المسلّمات

هناك بعض المسائل التي تبدو وأنّها تحظى بتوافق واسع أو حتى بالإجماع في الرأي إلى درجة تعدّ من المسلّمات سواء سياسيّة كانت أو اجتماعيّة أو ثقافيّة أو صحّية أو علميّة أو غيرها. ومع ذلك، يمكن أن يشكل تبنّي هذه المسلّمات خطرا على نزاهة القناة وحيادها. ولهذا:

ينبغي مقاومة إغراء استخدام لغة ولهجة تبدو أنها تقبل هذه المسلّمات كحقيقة بديهية.

كما يجب أن يتفادى الإنتاج الإعلامي تعزيز التعميمات التي تفتقر إلى الأدلة، وخصوصا عندما يجري تطبيقها في ظروف محددة. قد يحدث هذا في مجالات السياسة والأعمال الخيريّة والعلوم والتكنولوجيا، والطب وغيرها.

من شروط تحقيق الحياد:

يفترض الحياد الاستقلالية في التحرير. ولا يكون ذلك إلّا إذا كانت القرارات التحريريّة تؤخذ داخليّا، ويحتفظ المحررون والمنتجون والمسئولون عن البرامج بحرية القرار بالنسبة إلى مضمونها. ويستلزم ذلك إلمام المنتجين بالمواضيع التي يعالجونها والتحضير المحكم لها.

يجب أن تكون التقارير الإخبارية بعيدة عن الإثارة، ومتنوعة وتدل على سعة الإطلاع.

يجب أن تولي التغطية الإخبارية اهتماما بمختلف وجهات النظر الرئيسية في الخلافات السياسية أو الحزبية طوال المدة التي يكون فيها الخلاف محتدما.

الحيـاد والتعامل مع الأطراف الخارجية.

يجب على الأفراد العاملين في المؤسسة عدم قبول منافع شخصية لهم أو لذويهم، سواء أكانت نقدا أو عينا أو في شكل خدمات من أي طرف خارجي سواء أشخاصا مادّيين أو مؤسسات، أو أحزابا أو غيرهم لهم مصلحة إعلاميّة ما.

عند ذكر الأمثلة، يجب عدم تفضيل مؤسسة على أخرى إلا لأسباب موضوعية.

الحياد والتعامل مع الإعلانات.

يجب أن يكون ولاء المؤسسة الأول والأخير هو لجمهورها وليس لممولي الإعلانات.

يجب ألّا ينخرط الصحفيون ومقدمو البرامج في أية أنشطة دعائية وإعلانية وغيرها يمكن أن تلقي بظلال من الشك على موضوعيتهم أو على حياد المؤسسة.

لا يمكن للإعلانات أن تقيد حرّية الإعلام لأي سبب من الأسباب ولا أن تمنع الإعلاميين في المؤسّسة من كشف أيّة حقائق تتعلّق بالطرف المعلـِن.