الـدقــة

الدقّة هي من المبادئ الأساسيّة التي تبني الثّقة بين المؤسّسة الإعلاميّة والجمهور. وتتحقّق الدقّة من خلال الحصول على الوقائع الصّحيحة مع توخي الصدق والابتعاد عن التكهنات غير المستندة الى دليل.

وليست الدقّة مجرد جمع للوقائع، بل تتطلّب معالجةُ المعلومات البحث عن الأدلّة وتمحيصها. كما تتطلّب، في حالة القضايا المثيرة للجدل، تنويع الآراء والتثبّت من الحقائق.

متطلّبات تحقيق الدقّة:

أن تكون كل المواد الاخبارية المقدمة للجمهور واضحة من مصادرها ومبنيّة على أدلة سليمة.

التثبّت من أصليّة ومصادر أيّة وثائق مكتوبة أو مصوّرة تتضمّن معلومات تستحقّ النّشر. كما يجب التثّب من أيّة أرقام وإحصائيّات وذكر مصادرها.

تجنّب نشر أية مواد لا يمكن اثباتها أو نسبها الى مصادر واضحة. و إذا دعت الضرورة الملحّة إلى بثّ الخبر، وكنا غير قادرين على التحقق منه  بما فيه الكفاية، ينبغي أن نقول ذلك، وننسب المعلومات إلى مصدر واحد على الأقلّ، بعد التّشاور فيها داخليّا.

الدقة في جمع المعلومات:

يجب القيام بالأبحاث اللّازمة، والسّعي إلى الإلمام مسبقا بأيّ موضوع يتطلبّ معالجة  معمّقة.

يجب السعي الى حضور الحدث مباشرة وجمع المعلومات على عين المكان. وان تعذّر ذلك، فيجب التحدث الى شهود العيّان، وعدم الاكتفاء بشاهد واحد تفاديا  للتضليل، أو وقوع الشاهد في الخطإ أوالتّأويل الشخصي.

سواء كان الحدث موثّقا بالصّورة أو لا، على الصّحافي كتابة المعطيات الأوليّة في الإبّان، أو في أقرب وقت ممكن.

تجنب استقاء الخبر من المواقع الإلكترونية إلا عند الضرورة القصوى على أن يتم عرض المادة على مختصين في المجال للتثبت من صحتها قبل نشرها وضرورة الإشارة إلى مصدرها.

اعتماد الموارد الذاتية للمؤسسة لاستقاء المعلومات وإذا تعذر ذلك يقع الاعتماد فقط على تقارير وكالات الأنباء المعروفة بنزاهتها.

إذا كان مصدر المعلومة طرفا خارجيا ولم يكن توفيرها ذاتيا ممكنا، فينبغي وجود مبرر تحريري لبثها، ويشمل ذلك المواد من خدمات الطوارئ، والجمعيات الخيرية، وجماعات حماية البيئة، وغيرها. في حال استخدام هذه الموادّ، يجب ذكر مصدرها بوضوح إمّا بالصّوت، أو كتابة.

عندما ننقل خبرا عن مصدر يثبت ادعاءات خطيرة ويخيّر الاحتفاظ بهويّته لأسباب أمنيّة أو غيرها، يجب اتخاذ جميع الخطوات المناسبة لحمايته وعدم الكشف عنه، ومع ذلك يجب أن نعطي الجمهور ما في وسعنا من المعلومات عن المصدر وبطريقة لا تضلّلهم حول هويّته. ويخير في هذه الحالة عدم وصف المصدر بمجهول الهوية، لأنه يجب أن يكون معروفا لدى منتج المادة الإعلامية وحتى يكون للخبر مصداقيته لدى الجمهور.

ويحبذ في هذه الحالة وحفاظا على المصدر أن تقتصر معرفة هويته الحقيقية على منتج الخبر ورئيسه المباشر ولا غير.

لحرص على ألّا يكون تحقيق أيّ سبق صحفي على حساب دقّة الخبر. ويخيّر في هذه الحالة التريّث في بثّ أيّ خبر إلى حدّ التأكّد من مصادره.

وتتطلب الدقة تقديم المعلومة بلغة واضحة ودقيقة وذلك ب:

 تجنب المبالغة.

تجنب استخدام المفردات التي قد يفهم منها  المتلقي معنى مختلفا عن المقصود.

تجنب كل ما قد يبدو حكما أو موقفا شخصيا للاعلامي أو للمؤسسة.

الدقّة في استخدام تقنيات الإنتاج:

هناك تقنيات تصوير ومونتاج غير مقبولة، حيث يمكن لبعض هذه التقنيات أن تؤثر على محتوى الخبر وأهميته. ولهذا:

عند التصوير :

يجب تفادي تغيير حقيقة المشهد، مثل تجميع المتظاهرين لتصويرهم في لقطة جماعية تظهر زخما غير موجود في الأصل.

يمنع الطّلب من أيّة حشود ترديد شعارات أوإبداء الحماسة أمام الكاميرات.

وللأمانة في النّقل، يجب عدم حصر التصوير في زاوية ضيقة لإظهار أن الحدث كان فاشلا. ويخيّر في هذه الحالات استخدام اللّقطات الواسعة وإن أمكن، من أماكن عالية، لإظهار حقيقة المشهد.

كما يجب أن يتمّ التصوير مع البداية الرّسميّة للحدث وعدم الاكتفاء باللّقطات التي تصوّر قبل الانطلاق الرّسمي.

عند المونتاج:

يجب تفادي استخدام صور القطع التي تظهر وكأنّها تحدث في نفس الوقت، وتعطي انطباعا خاطئا حول الحدث (مسؤول يخطب في حين تظهر صور قطع التقطت قبل الانطلاق الرّسمي للإجتماع أشخاصا منشغلين بالحديث، بما يقدّم صورة مغلوطة وكأنّ الحاضرين غير معنيين بالخطاب).

يجب تفادي تكرار نفس اللقطات في نفس التقرير حتّى ولا تظهر وكأنّها استمرار لنفس المشهد.

يجب الانتباه جيّدا عند استخدام الغرافيكس لتفسير أو إضافة معلومة حتّى لا يتشوّه معنى الحدث. كما  يجب عدم استخدام التلاعب الرقميي بالصور الفوتوغرافية والفيديو والوثائق

إعادة البناء لتجسيم أحداث حقيقيّة.

وهي تقنية تستخدم عادة في بعض البرامج الواقعيّة (مكافحة الجرائم والمحاكمات)، أو الوثائقيّات لإعادة تجسيم احداث حقيقيّة لا تتوفّر فيها الصّور. وفي هذه الحالة، الانتباه إلى ضرورة:

عدم تهويل الأحداث حتّى لا تكون مضلّلة للجمهور.

إعادة بناء الأحداث بشكل واضح تماما.

ينبغي أن يكون بناء هذه الأحداث وتمثيلها مبنيّا على حقائق وأدلّة قابلة للتّثبّت.

ينبغي التوضيح كتابة أنّ اللّقطات هي إعادة تجسيم حتّى لا يأخذها المشاهد وكأنّ لقطات حقيقيّة.

استخدام الأرشيف:

يجب تفادي استخدام الأرشيف بطريقة يمكن أن تضلّل الجمهور: مثل إعادة استخدام صور مظاهرات قديمة على مظاهرات جديدة).

وفي حال الاستخدام للتذكير، يجب وضع إشارة كتابيّة واضحة عن تاريخ التّصوير ومكانه.

وإذا لم تكن صور الأرشيف من إنتاج وسيلة الإعلام نفسها، فيجب الإشارة كتابيّا إلى مصدر هذه الصّور.

استخدام الاحصائيات: بوصفها مصدرا من المصادر الهامّة في الأخبار والبرامج الإخباريّة، لكن يجب أن يخضع بثها لشروط، حتّى لا تُحدث خلطا في ذهن المستمع أو المتفرّج. ولذلك يجب:

استخدام الرسوم البيانية (الغرافيك) ما أمكن لتسهيل تقبلّ المعلومة على المتفرّج.

مراعاة وقع الأرقام الإحصائية خاصّة عندما يتعلّق الأمر بمسائل صحّية أو خطيرة لمراعاة على المواطن. (مثلا يخيّر أن يقال إنّ المرض يصيب واحدا من 100 مواطن، على أنّه يصيب 100 على مجموعة من عشرة آلاف).

قواعد أخرى خاصّة بالدقّة:

يجب التحقق من البرامج المسجلة ومن التّقارير إذا مرّ على إنتاجها بعض الوقت قبل بثّها، للتأكد من أنّ الأحداث لم تتجاوزها وإجراء تعديل المادّة إن أمكن، أو حذف جزء منها. وفي بعض الحالات يمكن الإعلان على الهواء عن أيّة تطوّرات جديدة.

حق الرد:

يضمن منح حقّ الردّ التوازن والموضوعية والإنصاف.

في صورة تضمّنِ مادة إعلامية اتهاما لشخص أو مؤسسة بسوء التصرف أو الإهمال أو التقصير، بما يؤثر على سمعتهم،  فان من حق الشخص أو المؤسسة الرد على الاتهام.

وعلى المؤسسة الإعلامية تصحيح الخطأ بنشر هذا الرد بنفس البرنامج و الوقت الذي بث فيه الاتهام.وعلى المؤسسة الإعلامية تصحيح الخطأ بنشر هذا الرد بنفس البرنامج و الوقت الذي بث فيه الاتهام.